الخميس، 7 مايو 2015

داءُ الشرايين المُحيطية




داءُ الشرايين المُحيطية هو مشكلة شائعة تُصيب جهاز الدوران، وتتضيَّق فيها الشرايين فتنخفض كميةُ الدم المار عبرها إلى
الأطراف. وعندَ الإصابة بداء الشرايين المُحيطية، فإنَّ الأجزاء الخارجية من الجسم لا تتلقَّى كفايتها من تدفُّق الدم من أجل تحقيق حاجاتها. وغالباً ما تُصيب هذه المشكلةُ الساقين. يؤدِّي انخفاضُ كمية الدم الواصل إلى المنطقة المصابة إلى ألم في الساق عند المشي. ومن المحتمل أيضاً أن يكونَ داء الشرايين المُحيطية علامة من علامات التراكم الكبير للفضلات الدهنية في الشرايين. وهي حالةٌ تُدعى باسم "التصلُّب العَصيدي". وقد تؤدِّي هذه الحالة إلى تقليل تدفق الدم الذاهب إلى القلب والدماغ، بالإضافة إلى الساقين. غالباً ما تكون المعالجةُ الناجحة لداء الشرايين المُحيطية ممكنة من خلال الإقلاع عن التدخين، وممارسة التمارين الرياضية، والالتزام بنظام غذائي متوازن. 
مقدمة
داءُ الشرايين المُحيطية مشكلة شائعة من مشكلات الدورة الدموية . ويرمز لهذه الحالة بالأحرف (PAD). يصيب داء الشرايين المُحيطية أكثر من ثلاثين مليون شخصاً في مختلف أنحاء العالم. إذا كان المرء مصاباً بداء الشرايين المُحيطية، فإن أطرافه لا تتلقى كفايتها من الدم، وبذلك فإنها لا تحصل على احتياجاتها. وهذا ما يمكن أن يؤدِّي إلى الألم عند المشي. كما أنَّ داء الشرايين المُحيطية يمكن أن يكون علامة على التراكم الكبير للفضلات الدهنية في الشرايين. وقد تؤدِّي هذه الحالةُ إلى تقليل كمية الدم الذاهب إلى القلب والدماغ. يساعد هذا البرنامجُ التثقيفي على تكوين فهم أفضل لداء الشرايين المُحيطية. وهو يتناول أسبابه، وأعراضه، وتشخيصه، ومعالجته. 
التشريح
إن جدران الشريان من الداخل ملساء. ونرى هذه الجدران الملساء لدى الأطفال والبالغين في مرحلة الشباب. من الممكن أن يحدثَ انسداد للشريان بفعل تشكُّل لُوَيحة. وتتكون اللُّوَيحة من الكولسترول وبعض حُطام الخلايا، بالإضافة إلى المواد الدسمة. مع زيادة ثخانة اللويحة، تزداد إعاقةُ جريان الدم، ثم يتوقف هذا الجريان. يُشار إلى هذه الحالة باسم "تصلُّب الشرايين". 
الأسباب
غالباً ما يحدث داء الشرايين المُحيطية بسبب التصلُّب العَصيدي. والتصلُّبُ العَصيدي هو حالة من تصلب الشرايين. تحدث هذه الحالةُ عندما تتراكم الدهون والكولسترول ومواد أخرى على جدران الشرايين من الداخل، فتشكِّل جسماً صُلباً يدعى باسم "لُوَيحة". غالباً ما يصيب التصلُّب العَصيدي الشرايين في مختلف أنحاء الجسم. وعندما يحدث هذا التصلب في الشرايين التي تنقل الدم إلى الأطراف، فإنَّه يُدعى باسم داء الشرايين المُحيطية. لكن لداء الشرايين المُحيطية أسباب أخرى أيضاً. في حالات أقل شيوعاً، يمكن أن يكون داء الشرايين المُحيطية ناتجاً عن الأسباب التالية:
التهاب الأوعية الدموية.
إصابة أحد الأطراف.
التعرُّض للأشعة.
هناك عوامل تزيد من خطر الإصابة بداء الشرايين المُحيطية. ومن هذه العوامل:
السن، وخاصة بعد تجاوز سن الخمسين.
الداء السكري.
تاريخ عائلي فيه عدد من حالات داء الشرايين المُحيطية، أو الأمراض القلبية، أو السكتات.
ارتفاع الضغط الدموي.
ارتفاع الكولسترول.
ارتفاع سوية الهوموسيستين )الحمض الاميني(.
السمنة.
التدخين.

الأعراض
تظهر أعراضٌ خفيفة لدى معظم الأشخاص المصابين بداء الشرايين المُحيطية. ومن الممكن ألاَّ تظهر الأعراض على الإطلاق. إذا كان المرءُ مصاباً بداء الشرايين المُحيطية، فإن أطرافه لا تتلقى كفايتها من الدم. وهذا ما قد يؤدِّي إلى ألم في الساقين عند المشي. يُعرف هذا الألم باسم "العَرَج المُتَقطع". يسبِّب العَرَجُ المُتَقطع ألماً في العضلات، أو تشنجاً في الساقين أو الذراعين. يحدث الألم بفعل النشاط، كالمشي مثلاً. ويزول بعد دقائق قليلة من الراحة عادة. ويعتمد موضع الألم على موضع الشريان المسدود أو المُتَضيق. إن ألم ربلة الساق هو الموضع الأكثر شيوعاً لهذا الألم. من المحتمل كثيراً أن يكونَ داء الشرايين المُحيطية علامة على وجود التصلُّب العَصيدي في مختلف أنحاء الجسم. كما يمكن أن يؤدي داء الشرايين المُحيطية إلى تقليل تدفُّق الدم إلى القلب والدماغ، بالإضافة إلى الساقين. تشتمل الأعراضُ الأخرى لداء الشرايين المُحيطية على ما يلي:
تغيُّر في لون الساقين.
برودة في أسفل الساق أو القدم.
سوء الانتصاب لدى الرجال.
فقدان الشعر أو تباطؤ نمو الشعر على القدمين والساقين.
الخَدَر أو الضعف في الساقين.
انعدام النبض أو ضعف النبض في الساقين أو القدمين.
الجلد اللامع على الساقين.
تباطؤ نمو أظافر القدمين.
ظهور قروح على أصابع القدمين، أو على القدمين، أو على الساقين. وتستمرُّ هذه القروح زمناً طويلاً دون أن تُشفى.
في حال زيادة تقدُّم داء الشرايين المُحيطية، فإن الألم يمكن أن يظهر حتى خلال الراحة أو الاستلقاء. ومن الممكن أن يكون الألم شديداً إلى درجة توقظ المريض من نومه. ومن أجل تخفيف الألم، يمكن رفع الساقين فوق حافة السرير أو يمكن المشي في الغرفة. 
التشخيص
من الممكن أن يُجري الطبيب عدداً من الفحوص والاختبارات من أجل تشخيص داء الشرايين المُحيطية. ويُجري الطبيب أيضاً فحصاً جسدياً ويطرح أسئلة عن التاريخ الطبي للمريض. قد يعثر الطبيبُ على علامات داء الشرايين المُحيطية خلال الفحص الجسدي. وقد يجد أيضاً:
ضعفاً أو انعداماً للنبض تحت منطقة الشريان المتضيق.
أصوات غير طبيعية عند الشرايين يمكن سماعها بسماعة الطبيب.
بطء أو سوء شفاء الجروح في المنطقة المصابة بضعف التدفق الدموي.
انخفاض ضغط الدم في الطرف المصاب.
من الممكن أن يقوم الطبيب أيضاً بما يلي:
مَنسَب الكاحلي العَضدي.
التصوير بالأمواج فوق الصوتية.
تصوير الأوعية.
فحوص واختبارات دموية.
حتى في حال عدم ظهور أعراض داء الشرايين المُحيطية، فقد يكون المرء في حاجة إلى الفحص في الحالات التالية:
إذا كان قد تجاوز السبعين عاماً.
إذا كان قد تجاوز الخمسين عاماً ولديه تاريخ من الإصابة بالداء السكري أو التدخين.
إذا كان سنه دون الخمسين عاماً، لكنه مصاب بالداء السكري وبعوامل خطورة أخرى تتعلَّق بداء الشرايين المُحيطية.
إن الطريقة الأفضل من أجل الوقاية من داء الشرايين المُحيطية هي المحافظة على نمط حياة صحِّي. وهذا يعني:
الامتناع عن التدخين إذا كان المريض مدخناً.
إذا كان المريض مصاباً بالداء السكري، فإن عليه المحافظة على سكر الدم تحت السيطرة.
الممارسة المنتظمة للتمارين الرياضية. يجب ممارسة التمارين الرياضية نصف ساعة على الأقل، ثلاث مرات أسبوعياً، وذلك بعد موافقة الطبيب.
تخفيض كولسترول وضغط الدم، في حال ارتفاعهما.
تناول أغذية تحوي نسبة منخفضة من الدهون المُشبَعة.
المحافظة على الوزن الصحِّي.

المضاعَفات
يعرِّض داءُ الشرايين المحيطية المريض لخطر الإصابة بنقص التروية الحَرج في الأطراف. وتشتمل أعراضُ هذه الحالة على ما يلي:
خَدَر أو ألم شديد في الساقين والقدمين.
جفاف الجلد ولمعانه في الساقين والقدمين.
قروح أو جروح مفتوحة.
سماكة أظافر القدمين.
تحدث حالاتُ نقص التروية الحرج في الأطراف عندما يؤدي تفاقم العدوى، أو الإصابة، إلى موت النسيج. وفي بعض الأحيان، يصبح بتر الطرف المصاب ضرورياً. إن التصلُّب العَصيدي الذي يؤدي إلى ظهور أعراض وعلامات داء الشرايين المُحيطية ليس مقتصراً على الساقين، لأنَّ بقايا الدُّسم تتجمع أيضاً في الشرايين المؤدية إلى القلب والدماغ. وهذا ما قد يؤدِّي إلى حدوث سكتات أو نوبات قلبية. 
المعالجة
يكون لمعالجة داء الشرايين المُحيطية هدفان رئيسيان. الهدفُ الأوَّل هو تدبير الأعراض، كألم الساق مثلاً، وذلك حتى يستطيع المريض متابعة نشاطه الجسدي المعتاد. وأمَّا الهدفُ الثاني فهو وقف تقدُّم التصلُّب العَصيدي في الجسم كله. وهذا ما يؤدِّي إلى تقليل خطر الإصابة بنقص التروية الحرج في الأطراف، بالإضافة إلى تقليل خطر الإصابة بالنوبات والسكتات. يستطيع المرءُ، في معظم الأحيان، معالجة داء الشرايين المُحيطية من خلال تغييرات في نمط حياته. يجب تناول أغذية صحية للقلب تحوي قدراً أقل من الدهون المُشبعة. كما ينبغي زيادة كمية الخضار والفاكهة في طعام المريض. وهذا ما يمكن أن يساعد على ضبط ضغط الدم ومستويات الكولسترول. إذا كان المريض مدخِّناً، فإن من الضروري الإقلاع عن التدخين. إن التدخين يزيد خطر الإصابة بداء الشرايين المُحيطية ويمكن أن يؤدي إلى تفاقم الأعراض أيضاً. تعدُّ ممارسةُ التمارين الرياضية جزءاً أساسياً من معالجة داء الشرايين المُحيطية. وغالباً ما يُقاس نجاح المعالجة بالمسافة التي يتمكن المريض من اجتيازها سيراً على القدمين من غير الإحساس بالألم. تساعد التمارينُ الرياضية المناسبة على تمرين العضلات على استخدام الأوكسجين على نحو أكثر فعَّالية. كما أنَّ الطبيب يمكن أن يقدِّم العون من أجل وضع خطة مناسبة للتمارين الرياضية. من الممكن أن يكونَ داء الشرايين المُحيطية سبباً في الإحباط النفسي الشديد للمريض، وخاصَّة عندما تكون التمارين الرياضية الضرورية للشفاء سبباً للألم. لا يجوز أن يفقد المريض شجاعته على الإطلاق؛ فمع مواصلة التمارين الرياضية، تزداد المسافة التي يتمكن المريض من اجتيازها من غير ألم. على المريض أن يتجنَّبَ تناول بعض أنواع الأدوية الخاصة بالزكام؛ لأنَّ أدوية الزكام التي تحتوي على مضادات احتقان الأنف تساعد على تقليل تدفق الدم في الشرايين. ومن هذه الأدوية (Advil Cold & Sinus®)، و(Aleve Sinus & Headache®)، و(Claritin-D®)، و(Sudafed®). قد تؤدِّي هذه الأدوية إلى زيادة أعراض داء الشرايين المُحيطية. يجب الاعتناءُ بالقدمين جيِّداً، لأنَّ الأشخاص المصابين بداء الشرايين المُحيطية معرَّضون لخطر الإصابة بالتقرحات في القدمين الجزء السفلي من الساقين. كما أنَّ الأشخاص المصابين بالداء السكري يكونون معرَّضين لهذا الخطر على نحو خاص. إن سوء جريان الدم يمكن أن يؤدِّي إلى تأخير أو منع الشفاء التام للتقرحات، بالإضافة إلى زيادة خطر الإصابة بالعدوى. على المريض التقيُّد بالتعليمات التالية من أجل العناية بالقدمين:
عدم المشي حافي القدمين.
معالجة الثَّفَن (مسمار القدم) والتقرُّنات.
معالجة أي عدوى فطرية تصيب القدمين.
استشارة الطبيب عند ظهور أول علامة على التقرحات أو الإصابات الجلدية.
توخِّي الحذر عند تقليم الأظافر.
استخدام أحذية ذات مقاس مناسب، بالإضافة إلى جوارب سميكة جافة.
يجب غسلُ القدمين يومياً. ويجب تجفيفهما بشكل جيِّد والإكثار من استخدام مرطبات للجلد من أجل منع التشقُّقات التي يمكن أن تؤدي إلى العدوى. لكن يجب عدم استخدام مرطبات الجلد بين أصابع القدمين، لأن هذا يمكن أن يؤدِّي إلى نمو الفطور. قد يجد المريضُ أنَّ من المفيد رفع رأس السرير نحو عشرة سنتيمرات أو خمسة عشر سنتيمتراً. إن جعل مستوى القدمين أخفض من مستوى القلب يؤدي إلى تقليل الألم في معظم الحالات. هناك نصيحة أخرى من أجل تخفيف الأعراض، وهي تجنُّب البرد إلى أقصى حد ممكن. وإذا كان المريض غير قادر على تجنب الجو البارد، فيجب أن يحرصَ على ارتداء ملابس دافئة من عدة طبقات. ليس تغيير نمط الحياة كافياً في حد ذاته، فقد يحتاج المريض إلى معالجة طبية إضافية. ومن الممكن أن يصف الطبيب للمريض أدوية من أجل:
منع الخثرات الدموية.
تخفيض ضغط الدم.
تخفيض الكولسترول.
ضبط سكر الدم.
ضبط الألم وغيره من الأعراض.
في بعض الحالات، قد يكون ضرورياً إجراء جراحة أو "رأب الوعاء" من أجل معالجة داء الشرايين المُحيطية. والمقصودُ برأب الوعاء هو الإجراء الذي يجري خلاله إدخال قثطار في الوعاء الدموي المصاب. يجري نفخُ بالون صغير موجود في نهاية القثطرة. ويعمل هذا البالون على إعادة فتح الشريان وتقليل الانسداد فيه. كما يفيد البالون في دفع الشريان إلى الخارج حتى ينفتح فيزداد تدفق الدم فيه. ومن الممكن أيضاً أن يقومَ الطبيبُ بوضع دعامة في الشريان من أجل المساعدة على إبقائه مفتوحاً. من الممكن أن يقترح الطبيب إجراء جراحة المَجَازَة الشريانية. وفي هذه الحالة، يقوم الطبيبُ باستخدام وعاء دموي مأخوذ من منطقة أخرى من الجسم أو مكون من ألياف تركيبية. تسمح هذه الطريقةُ للدم بالمرور عبر المجازة متجاوزاً الشريانَ المسدود أو المتضيِّق. في حال وجود جلطة دموية تسد الشريان، فإن الطبيب يمكن أن يحقن في الشريان دواء يستطيع إذابة الخثرة. ويجري الحقنُ في منطقة الخثرة من أجل تفكيكها. تُدعى هذه الطريقة باسم "المعالجة بِحالاَّت الخَثرَة". 
الخلاصة
داءُ الشرايين المُحيطية مشكلةٌ شائعة من مشكلات جهاز الدوران. ويرمز لهذه الحالة بالأحرف (PAD). وهي تصيب أكثر من ثلاثين مليون شخص في العالم كله. إذا كان المرء مصاباً بداء الشرايين المُحيطية، فإنَّ أطرافَه لا تتلقى القدر الكافي من الدم من أجل تلبية احتياجاتها. وهذا ما قد يؤدِّي إلى ألم في الساق عند المشي. قد يكون داءُ الشرايين المُحيطية علامة على تراكم كبير للفضلات الدهنية في الشرايين أيضاً. وقد تؤدِّي هذه الحالة إلى تقليل كمية الدم المتدفق في الدماغ والقلب. إن لمعالجة داء الشرايين المُحيطية هدفين رئيسين. الهدفُ الأوَّل هو تدبير الأعراض، كألم الساق مثلاً، وذلك حتى يستطيع المريض استئناف نشاطاته الطبيعية. وأمَّا الهدفُ الثاني فهو وقف تفاقم حالة التصلُّب العَصيدي في الجسم كله. وهذا ما يؤدِّي إلى تقليل خطر الإصابة بالسكتات والنوبات القلبية. في معظم الأحيان، فإنَّ المريضَ يكون قادراً على معالجة داء الشرايين المُحيطية من خلال تغييرات في نمط حياته. على المريض أن يتقيَّدَ بنظام غذائي صحي يحوي على القليل من الدهون المُشبعة. وعليه الامتناع عن التدخين أيضاً. كما أنَّ الطبيب يستطيع مساعدة المريض على وضع خطة مناسبة للتمارين الرياضية. وفي بعض الحالات، فإن الجراحة، أو إجراء رَأب الوعاء، يمكن أن يكونَ ضرورياً من أجل معالجة داء الشرايين المُحيطية

0 التعليقات:

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.